العطــار

في الماضي، قبل بناء المستشفيات وظهور الطبّ الحديث، كان الناس يعتمدون على الأطباء الشعبيين في التداوي والعلاج، وكان هؤلاء الأطباء يعالجون بآيات القرآن أو الكيّ أو المساد ( المساج ) ، وكان جزء منهم يُعالج بالأعشاب.

كان الرجال منهم يعالجون الرجال، والنساء يعالجن النساء، فتولدهن وتعالج البنات والأطفال من الاسقاط، الملع، بو صفار، النداس والحصبة، باستخدام الأعشاب الطبّية أو الكيّ بالنار بواسطة العطّار ( والحواي)، الذين كانوا هم أطباء الماضي.

وأشهر اثنين امتهنا العطارة في قطر الوالد السيد محمد ( رحمه الله ) والوالد ابراهيم بن عباس الكبير ( الجدّ) ( رحمه الله )، فابن عبّاس كان يبيع الأعشاب الطبّية مثل العشرق، الهليلي، الزعتر، الورد اليابس، الجعد، المُر، الخيلة، اللبان، الياوي، المستكى، الصبر، حبّة الحمرة، حبّة السودة، شبّة الفؤاد، شبة الغزل، العرق الحلو، العرق المحتاس، الحلبة، البريهوه، العنزروت، الموميان، جوزة الحبش، الزئبق، الخليبان، القلبوة، خيار شمبر، المحلب، النيل، الخروع ( زيت السمك) إضافة إلى أعشاب أخرى.

أما الوالد السيّد محمد فكان يبيع كل ما سبق ذكره، إضافة إلى العطور مثل: دهن العود والعنبر، وهو نوعان: نوع يستخرج من بطن الحوت، وهذا يؤكل، ونوع آخر مطيب، وهذا للدخون، وكان كذلك يبيع العود بأنواعه الغالي والرخيص، وسحال العود، وهو عود ناعم فيه بعض الخشونة، ويُستخدم في صناعة البخور حيث يُطحن ويُخلط بسكّر فوق النار، ثم يضاف إليه المسك وبعض العطور ويحرّك حتى يصبح مثل العجينة، ثم يصبّ في قوالب أو على الأرض أو بشكل الكرة الصغيرة أو التيلة ( البلّية ) ويُترك حتى يجفّ ثم يصبح صالحاً للاستعمال.

ويبيع أيضاً المسك الأبيض، المسك الأسود، دهن العود، دهن الريحان، دهن المسك، دهن العنبر، الرازجي، الزباد، الزعفران، دهن الزعفران، إلى جانب عطور أخرى وروائح متعددة وما يكتشف من عطور جديدة.

أما زينة المرأة، فهناك النيل، الكحل، الحنّاء، الديرم، الرشوش، المحلب، وزيوت مثل زيد الياسمين وزيت الناريل، وكذلك زيوت المساج مثل زيت السمسم، زيت الجوز وزيت البيذان أو اللوز، وزيوت آخرى تستخدم للشرب أو للزينة أو للعلاج.

والعطار ( الحوّاي ) هو طبيب ذلك الزمان، يُخبره الناس رجالاً ونساءً بعللهم، مثلما يفعلون مع الطبيب المعاصر، فيصف لهم الدواء مما يوجد عنده من زيوت أو أعشاب طبّية، وقد يكون دواؤهم من الطبيعة، مثل أعشاب البحر أو الأسماك، أو ما يسقط من السماء مثل البرد أو الطَلّ ( الندى )، أو قطرات من حليب امرأة مرضع، أو من دم الحيوان أو من الإنسان، أو الأحجار أو الأرض.

وليس كل دواء يشرب، فبعضها يشم، ومنها ما ( يمسّد ) به، أو ما يغتسل به، أو ما يُدخّن به، ولكل علّة دواء.

هؤلاء هم أطباء ذلك الزمن، ينال الناس على أيديهم الشفاء بإذن الله.